على مقربة من أوكار «داعش» ومعسكرات تدريب «المعارضة المعتدلة» اجتمعت مجموعة العشرين ممثلة بوزراء ماليتها وحكام المصارف المركزية لبحث سبل ما أطلقوا عليه تعزيز التعاون في مكافحة تمويل المنظمات الإرهابية.
المفارقة التي تدعو للعجب أن من بين المجتمعين من يغدق الأموال من دون رقيب أو حسيب على الإرهابيين ويخصص مبالغ طائلة من موازنته لدعمهم وتسليحهم ومدّهم بكل أنواع الأسلحة والذخائر التي تفتك بالشعب السوري وتطيل أمد الأزمة.
وما يدعو للاستغراب كذلك أن يلتئم وزراء مال هذه الدول الكبرى في مدينة اسطنبول تحديداً الذي يعرف الغرب أكثر من غيره أنها تحولت إلى وكر للإرهاب والإرهابيين برعاية رسمية من رأس النظام الأردوغاني.
إن الحديث اليوم عن مكافحة تمويل التنظيمات الإرهابية بات مثار سخرية وتهكم بعد كل الدعم الذي قدمته حكومات وأنظمة غربية وإقليمية وخليجية، وعليه فإن الهدف من الاجتماع ومكانه و«النظام» المضيف كلها أمور تستدعي التساؤل فضلاً عن كون نظام أردوغان آخر من يحق له الحديث عن مكافحة الإرهاب وتنظيماته الإجرامية التي عاثت ولا تزال في المنطقة إجراماً وقتلاً رغم صدور العديد من القرارات الدولية ذات الصلة التي تدعو إلى منع تدفق الإرهابيين ووقف إمدادهم بالمال.
أمام هذه المفارقات فإن أياً كانت نتائج اجتماعات وزراء مالية العشرين، فإنها لن تساوي الحبر الذي كتبت به ما لم تراجع هذه الدول سياساتها الخاطئة والعدائية نحو بعض شعوب المنطقة وتتوقف بملء إرادتها عن تقديم الدعم المالي والتسليحي للجماعات الإرهابية، أما التلطي خلف قرارات وممارسة النقيض على أرض الواقع فإنه بات مكشوفاً ولم يعد فيه جديد بعد أن بات أي مواطن عربي على امتداد ساحة الأمة كلها يعرف أن الجماعات التكفيرية الإرهابية ما كان لها أن تقوى وتتمدد لولا الدعم الغربي والخليجي والتركي لها، رغبة من هذه الأطراف في استخدام هذه الأدوات لتنفيذ أجندات ومصالح دول قديمة- جديدة، ولعل نظرة سريعة إلى ما يجري في سورية والعراق وليبيا وغيرها من أقطار الوطن العربي حيث يجري استهداف مؤسسات الجيش والدولة يتأكد من خلالها المرء أن المستفيد الأول والأخير من وراء ما يحصل هو الغرب الاستعماري وربيبته «إسرائيل» حيث تتلاقى أهدافهما مع نزعات السيطرة والأحلام البائدة والثأرية لأطراف أخرى في المنطقة.
بقلم: شوكت أبو فخر