اللاذقية-سانا
بعدما شاع استخدام الأدوات الحجرية الزراعية القديمة كالمدحلة والرحى والجرات والخوابي كمواد متحفية يتخذها البعض في تزيين مطاعمهم ومقاهيهم بدأ الريفيون في قرية قسمين الواقعة شمال شرق مدينة اللاذقية في جمع أدواتهم الحجرية بعد أن رموها وقاموا بتنظيفها ووضعها على شرفات البيوت كتحف يفتخرون بها.
ويقول الباحث الجيولوجي الدكتور فواز الازكي الذي حول منزله في قرية قسمين إلى متحف جيولوجي مفتوح أمام الأفراد والمؤسسات مجانا ..أن الإنسان منذ مئات السنين ابتدع أدوات الزراعة ولعل أولها كانت من الحجارة ولقد صنع الإنسان السوري الباطوس من صخر الغابرو والأجران من الحجر الرملي والأدوات الفخارية كالجرة والخوابي من صخر الغضار موضحا أن الثقافة الجيولوجية الفطرية ارتبطت مع تطور المجتمعات البشرية في جميع مراحلها.
وأضاف تعتبر الجيولوجيا علم الأرض والصخر هو الوحدة الأساس في بنية القشرة الأرضية, كما أن الثقافة هي التحصيل المعرفي والحضاري لإبداعات العقل الإنساني فظهور الإنسان على سطح الأرض يمثل الحدود الفاصلة بين العلوم الطبيعية ممثلة بالبيولوجيا والجيولوجيا وبين العلوم الاجتماعية ممثلة بعلم الآثار وعلم التاريخ.
وذكر الباحث الجيولوجي الدكتور فواز الازكي أنه تم الاعتماد على الشواهد المستحاثية لدراسة أسلاف الإنسان مثل الجماجم والعظام والأسنان وهي بقايا نادرة جدا أما الشواهد الثقافية الفطرية فهي الأكثر انتشارا مثل الأدوات الحجرية لأنها أكثر مقاومة لعوامل التآكل تجوية وتعرية.
وبين أن الاكتشاف الأهم عند الإنسان كان اكتشاف النار موضحا أنه لا يوجد تاريخ محدد لاكتشاف الإنسان للنار ولا يوجد دليل على كيفية اكتشافها لكن أول توليد للنار عند الإنسان كان عن طريق قدح صخور الصوان مع بعضها ومن هنا تأتي العلاقة بين النار والجيولوجيا وبعدها أبدع الإنسان منذ أربعة آلاف سنة قبل الميلاد في صناعة الفخار من صخر الغضار و صناعة الزجاج من صخر الحجر الرملي والرمال وجميعها مواد يدرسها علم الجيولوجيا.
وتطرق الدكتور الازكي إلى أهمية المتاحف الجيولوجية وميزاتها وقال.. تتعدد أنواع المتاحف بتنوع محتوياتها مثل متحف الآثار ومتحف الفنون ومتحف التاريخ إلا أن المتحف الجيولوجي يتميز عن بقية المتاحف من ناحيتين.. الأولى أنه يشكل صرحا علميا وثقافيا وسياحيا والناحية الثانية أنه ينقل الجيولوجيا من برج التجريد إلى قاعدة الثقافة فقد يستغرق الطالب أسابيع من البحث الجيولوجي عن مستحاثة أمونيت دون جدوى لكنه يستطيع في المتحف الجيولوجي أن يشاهد أجناس الأمونيت ويلمسها ويدرسها.
وأوضح أنه حول منزله في قرية قسمين إلى متحف جيولوجي ليكون أول متحف جيولوجي في سورية ومن أهم المتاحف الجيولوجية في العالم معتبرا أن “متحفه استطاع أن ينقل الجيولوجيا من قمة هرم المعرفة التجريد إلى قاعدة هرم المعرفة الثقافة”.
بشرى سليمان