دمشق-سانا
يمتد تاريخ صناعة الزجاج اليدوي إلى العهد الفينيقي لأن الفينيقيين كانوا أول من اكتشف الزجاج أثناء فوران بركان على شاطىء البحر.
وبالرغم من تطور صناعة الزجاج في سورية إلا أن الصناعة اليدوية ما زالت تتمتع بسمعة جيدة ورغبة من مختلف الأوساط الاجتماعية.
سانا المنوعة التقت خالد حلاق صاحب منشأة لصنع الزجاج اليدوي في الإحدى عشرية بباب شرقي والذي حدثنا قائلا أنهم قديمو العهد بصناعة الزجاج ومعملهم كان من أوائل المعامل التي عملت بنفخ الزجاج اليدوي فهم موجودون منذ العام 1967 في السوق مهنتهم متوارثة أبا عن جد وهم ثلاثة أشقاء يعملون بهذه الصناعة اليدوية الشرقية.
وأضاف أنهم ينتجون القوارير ومزهريات الزينة والأباريق والقناديل وحامل الشموع والثريات وعناقيد العنب وأشكال أخرى وفق طلبات الزبائن ويعتمدون في عملهم بشكل أساسي على إعادة تدوير الزجاج مستفيدين من الزجاج المكسور كمادة خام لعملهم.
وحول مراحل العمل قال خالد.. نقوم في البداية بتجميع الزجاج المكسور ووضعه في الفرن بدرجة حرارة عالية تصل إلى 1200 درجة مئوية حتى ينصهر ويتحول إلى سائل شفاف مرن بإمكاننا العمل به حيث يقوم العامل بعد ذلك بواسطة أنبوب معدني بإدخال الأنبوب إلى الفرن وإخراج الزجاج السائل وينفخ بالأنبوب للحصول على الشكل الذي يريده ويتم فصل كل قطعة عن الأخرى باستخدام الماء البارد.
وأضاف.. إن العامل في النفخ يحتاج إلى مهارات فنية عالية وتدريب مستمر لفترات طويلة ليتمكن من الصنعة إضافة إلى العمل والمثابرة في الحرفة وتحمل التعب أمام أفران تعمل في درجات حرارة مرتفعة جدا.
وأوضح خالد أنه يستخدم علب الزجاج الفارغة ذات اللون الأبيض للحصول على السائل الأبيض الشفاف وزجاجات الأدوية ذات اللون البني للحصول على اللون البني وللحصول على الألوان الأخرى الأخضر والأحمر والأزرق الفاتح التركواز نضيف أكاسيد معدنية ولتثبيت اللون نعاود وضع الزجاج في الفرن مرة أخرى بعد صنعه للحصول على اللون الذي نرغبه لافتا إلى أن الزجاج بات يستخدم اليوم لأعمال الديكور ولتزيين الجدران وتنسيق الورود والحفلات.
وقال خالد.. إن العمل شاق ومتعب لأن الفرن يجب أن يعمل 24 ساعة متواصلة للحفاظ على درجة حرارة عالية لافتا إلى أن الفرن الجديد يحتاج إلى تحمية تستغرق خمس ساعات متواصلة قبل سكب الزجاج على دفعات بداخله وأحيانا نستهلك في اليوم أكثر من 70 كيلوغراما من الزجاج.
وبين خالد أن النفخ والفتل من أساسيات العمل لإعطاء الشكل المطلوب كما أن الزجاج المعاد تصنيعه صعب العمل به لأنه قاس والعمل يدوي ومرحلة الشواء أو التخمير تتطلب درجة حرارة عالية مشيرا إلى أنه بعد الانتهاء من عملية النفخ تأتي مرحلة التبريد التي تتطلب أكثر من خمس ساعات حيث يتم التبريد على مراحل حتى لا يتعرض الزجاج لفرق الحرارة بين الخارج والداخل.
وأشار خالد إلى أن أغلب صناعتهم تذهب إلى الفنادق والمطاعم والسفارات والأعراس والسائحين وأنهم يؤمنون طلبات بعض الزبائن وفق رغبتهم وقال.. إن عملنا يزداد في المناسبات ولا سيما في عيد الميلاد ورأس السنة وشاركنا بمعارض ومهرجانات داخلية وخارجية وحصلنا على وسام تقدير في إيران وشاركنا في مهرجان بخان أسعد باشا وقد استقطبنا مختلف شرائح المجتمع لأن مهنة الزجاج مهنة فنية بالدرجة الأولى وتحتاج إلى ابداع وتميز.
وختم خالد بالقول إنه يحب مهنته كثيرا ويجد متع بالعمل فيها ويسعى دائما مع أشقائه لتطويرها بشكل دائم ويرغب بتوريثها لأبنائه للحفاظ عليها من الاندثار.
من جهته الشاب باسم الذي يعمل 12 ساعة أمام الفرن الحراري قال إنه يعمل بالمهنة منذ أكثر من 15 عاما صيفا وشتاء وقد اعتاد على العمل… لافتا إلى أن حرفته تحتاج إلى الفن والإبداع والابتكار فهو يعمل دون كلل أو ملل.
سكينة محمد