دمشق-سانا
توثق دراسة البنية الإنشائية والهندسية والمعمارية للكنائس الأثرية السورية تميز فن العمارة السورية عالميا بأسلوب التصميم وطريقة تشييد المباني والمنشآت و إسهامات الشعب السوري في تطور فن العمارة وأسلوب البناء في منطقة الشرق القديم والعالم.
ويقول المؤرخ الدكتور محمود السيد قارئ النقوش الكتابية القديمة مسمارية -أبجدية -هيروغليفية في المديرية العامة للآثار والمتاحف أن الكنائس بنيت في المناطق الجبلية الواقعة في شمال سورية بدءا من منتصف القرن الخامس الميلادي ككنيسة قلب اللوزة وفق نمط الأعمدة التي كانت تنتظم في الداخل ويبدو واضحا في هذا النمط العمراني تباعد الدعائم الداخلية عن بعضها وظهور الأقواس الواسعة المترابطة فيما بينها وتصنف كنيسة قلب اللوزة المؤرخة بمنتصف القرن الخامس الميلادي كأقدم بناء بني وفق هذا الطراز .
وأضاف السيد إن من أهم مزايا الكنائس المبنية خارج نطاق المناطق الجبلية الواقعة في شمال سورية اعتماد ثلاثة صفوف من الدعائم بدلا من صفين كما نجد في سورية كنائس ذات دعائم مربعة الشكل وكنائس أخرى تتميز بدعائم مصلبة الشكل ذات أروقة واسعة تفصل بين الدعامة والأخرى وتؤلف العضاضات الملتصقة بالجهات الأربع أساس الدعامة المصلبة وأهم نماذج هذه الكنائس موجود في منطقة الرويحة وتمتاز عن الكنائس ذات الدعائم بقلة عدد الحوامل التي حلت محل العمود الأمر الذي نجم عنه انتظام الدعائم في تعاقب مماثل لتعاقب الأعمدة.
وأوضح السيد أن الكنائس ذات الأروقة الواسعة تمتاز أيضا بحوامل متباعدة جدا عن بعضها و تعادل المسافة الفاصلة بين الدعامة و الأخرى مرة ونصف أو مرتين عرض الرواق الداخلي ويلاحظ أن الفراغ الحاصل بين المحاور في الكنائس ذات الأعمدة أقل من عرض الأروقة.
ولفت قارئ النصوص الكتابية القديمة “مسمارية, أبجدية, هيروغليفية” إلى أنه مع التطور العمراني وبهدف تعزيز المتانة الإنشائية وتلبية حاجة الأقواس الواسعة إلى نقاط ارتكاز منخفضة بنيت الدعائم بأحجام كبيرة جدا ممتلئة القوام وغليظة الحجم في نسبها الشاقولية وبمقطع أفقي مستطيل بدلا من المربع لتتمكن من حمل الجدار العلوي للرواق بشكل أكبر مع الإشارة إلى احتفاظ الكنائس ذات الأروقة الواسعة بالسقف الجملوني البسيط وعدم وحدة التصميم فيما يخص الأقسام العلوية والسفلية للجدران في الكنائس السورية واستخدم باني كنيسة قلب اللوزة نسبة واحد على واحد للعلاقة بين ارتفاع وعرض قوس الرواق وربطه بشكل شاقولي بين أماكن الأروقة الواسعة والنوافذ العلوية ففي كنيسة قلب اللوزة تقع النوافذ العلوية على محاور الأروقة نفسها وقد اعتمدت الكنائس ذات الأعمدة والكنائس ذات الدعائم على فتح سلسلة طويلة من النوافذ الصغيرة في الأقسام العلوية من الجدران للإنارة .
وبين السيد أنه في النصف الأول من القرن السادس الميلادي تميزت الكنائس ذات الأروقة الواسعة برواق أمامي يتقدم الضلع الغربي للكنيسة وقد قسم الرواق إلى ثلاثة أقسام يطل منه القسم المتوسط على الرواق الداخلي للكنيسة عبر قوس اعتراضي واسع علما أن الرواق الأمامي في الضلع الغربي لا يتصل بالرواق الأمامي للواجهات الرئيسية إلا عبر أبواب بسيطة.
وخلص السيد إلى أنه مع كل ماسبق يبقى أهم خصائص عمارة الكنائس ذات الأروقة الواسعة و المنتشرة في سورية الشمالية وغير المعروفة خارج نطاق سورية وجود البيما وهي عبارة عن مصطبة مرتفعة قليلا تنتهي في جانبها الغربي على شكل نصف دائري وتقع في وسط الكنيسة وتحتل أكثر من ثلث الجناح الأوسط للكنيسة .
عماد الدغلي