نكتب الخبر بدقّة ومسؤولية

الشريط الإخباري

الموسيقي حسام الدين بريمو: الغناء الجماعي فن سوري أصيل-فيديو

دمشق-سانا

يحمل الموسيقي حسام الدين بريمو على عاتقه مشروع الغناء الجماعي في سورية ويقدم له عملاً يتجاوز إمكانات الفرد عادة ليصل لما يشبه المؤسسة المتكاملة فهو مؤسس ومشرف على أكثر من خمس جوقات للغناء الجماعي ويعمل مع مغنين من عمر أربع سنوات وصولاً لأعمار تتجاوز الخمسين واستطاع عبر كل الجوقات التي أسسها وأدارها ودربها ان يحقق أعمالاً موسيقية غنائية تصل بسويتها الفنية لمرتبة العالمية نوعاً وموضوعاً وهو مازال بذات الحيوية والحماس رغم كل الصعوبات التي تواجه عمله ويصنع الجمال والفن ويقدم رسالة سورية الحضارية للعالم.2

وعن مشروعه الفني وما وصل إليه اليوم يقول الموسيقي بريمو في حديث لـ سانا: إن مشروعنا بشكل عام هو إحياء الغناء الجماعي وما يحمله من قيم موازية للقيمة الفنية عبر جوقة لونا للغناء الجماعي كنموذج قابل للاستمرار من خلال دفع المتلقي للتمسك بمتابعة هذا الفن النبيل والجميل مبيناً أن ما تحقق اليوم يفوق التوقعات بالقياس للظروف المحيطة ببلدنا والانسان السوري مع أن النتيجة مازالت دون الطموح المأمول.

وتابع: إن رغبتي في تأسيس جوقات لكل الأعمار جاءت من كون مشروعي يحمل بعدا تربوياً تنموياً ولان الغناء الجماعي فن صعب ومركب لا يمكن تحقيقه في الحالة المنشودة مع جيل واحد فالأطفال الذين بدؤوا معنا عام 2003 يغنون اليوم بشكل أفضل من كثيرين جاؤوا الينا كباراً لافتا إلى أن هناك صعوبات يواجهها عمل الجوقات من جراء سفر العديد من الأعضاء للخارج إضافة لتعرض حي القصاع الذي يقع فيه مقر تدريب الفرقة للعديد من قذائف الإرهاب.

ويوضح بريمو أن الداعم الأساسي لمشروعه هم أبناء جوقة لونا للغناء الجماعي المنتمون لعدة جوقات ومن فئات عمرية متعددة معرباً عن أمله بوجود جهات تدعم المشروع من خارج الجوقة.

وبين بريمو أن هناك طموحات بدعم كبير للمشروع ليصل إلى العالمية وأن هذا الدعم يمكن أن يكون محددا في كل فترة حسب الحاجة فاليوم الجوقة تحتاج لمكان تدريب مجهز بكل ما يلزم ومخصص لاستخداماتها وحدها داخل سورية.

ويؤكد أن هناك حالة فرح كبيرة يعيشها جراء عمله مع عدة جوقات بذات الوقت مبيناً أن الفرح الأكبر يكون مع جوقة ألوان التي ينتمي اعضاؤها لأعمار ما بين 7 و13 سنة كونه يحصد القدر الأكبر من التنمية الفنية والسلوكية والثقافية لديهم في الجلسة الواحدة وذلك لان قابلية الاستقبال ومرونة التلقي لديهم أكبر من أبناء الاعمار الأخرى فضلا عن كونهم مازالوا يحتفظون بفرح وحب نقيين غير ملوثين بأي غايات لافتا إلى أن التعامل الناجح مع أعضاء كل الجوقات على اختلاف أعمارهم ومشاربهم يعتمد بشكل أساسي على معادلة بسيطة هي الصدق والحب.

وعن الصفات التي يجب أن يمتلكها الفنان الراغب بتأسيس وإدارة جوقة للغناء الجماعي يقول مدير جوقة قوس قزح: إن الامكانات العلمية والفنية متعددة ولا يمكن تقديم صفات محددة لها ولكن الحدود الدنيا تعتمد على المقدرة على أداء ما يطلب من أعضاء الجوقة لأدائه وحدودها العليا فهي غير محددة أيضا مبينا أن علم الموسيقا في بلدنا حديث العهد نسبيا والثقافة الموسيقية العامة والخاصة أقل مما هي عليه في الكثير من البلدان الأخرى ذات التاريخ مع الموسيقا.

وتابع: إن الامكانات الشخصية لقائد الجوقة الغنائية تحتاج للتنمية والتطوير باستمرار وحدودها الدنيا أعلى بكثير مما يعتقد البعض والأساس فيها هو الجمع بين المتناقضات شكلاً والمتوافقات مضموناً وهي عبارة عن ثنائيات كثيرة يصعب اكتسابها دون بذل الكثير من الجهد مثل التسامح مع الحزم والتبصر مع التعامي والبذل مع المطالبة والتغاضي مع المتابعة والتعليم مع التعلم وغيرها.3

وحول واقع الموسيقا والجوقات الغنائية في سورية حالياً يرى بريمو أن هذا الواقع اختلف بين ما كان عليه في بداية الأزمة ويبدو أن الكثير من الموسيقيين أدركوا متأخرين الدور الذي تلعبه الموسيقا في الزمن الصعب مبيناً أن تدارك هذا الموضوع يبدو جليا من خلال العروض الموسيقية الكثيرة في دمشق وبقية المحافظات إلى جانب الدور الكبير والفاعل الذي تقوم به وزارة الثقافة في دعم النشاط الموسيقي الحالي.

ويطلب بريمو المزيد من الدعم من الجهات الرسمية لتأسيس وتبني الجوقات الغنائية الجماعية ويرى أن هذا الموضوع مازال مناطا بالجهات الأهلية مع تقصير من الجهات الرسمية تجاه هذا الجانب رغم أن المؤسسة الثقافية الرسمية لديها خطة مالية تستعملها لدعم المبادرات الأهلية إما بتخصيص مكافآت مالية للجوقات عن بعض حفلاتها أو بالتغطية الاعلامية داعيا لتقديم الأفضل في هذا السياق.

ويعتقد مدير جوقة ورد أن ثقافة الغناء الجماعي في بلدنا مازالت أقل مما يجب أن تكون عليه وذلك بسبب الانقطاع الطويل لهذا الفن عن التفاعل مع الناس مع الرغم من كونه منسجماً جداً مع طبيعة الانسان السوري الاجتماعي بشكل فطري رغم انكفائه مؤخرا داخل دور العبادة داعيا العاملين في حقل الغناء الجماعي لبذل الجهد الكبير والتحلي بالصبر حتى يعود إلى مكانه الطبيعي بعد أن سرق الغناء الفردي منه الكثير من مواقعه لدى الجمهور السوري.

ويوضح بريمو أن الجوقات الخمس التي يشرف عليها ويدربها متحدة في المضمون لتحقيق هدف اعادة ربط الجمهور مع الغناء الجماعي من خلال الفعل الفني الراقي مبيناً أن جوقة لونا للغناء الجماعي تسعى لاعداد كوادر يمكنها متابعة المسيرة بكفاءة أعلى من امكانات الشخص الواحد الذي يضطلع بالمهمة لعدم وجود اعداد أكاديمي لهذه الجوانب لافتا إلى أن العمل في التأليف والتلحين والبحث في التراث يتطلب مستوى علميا جيدا من الناحيتين الموسيقية والتاريخية وهذه المواصفات لا توجد جاهزة لدى الكوادر الموسيقية لدينا.

وحول وجود الفنان الذي يمكن ان يكمل مسيرة بريمو من بعده أو إمكانية تحويل هذا العمل الفردي إلى مؤسسة أكاديمية خارج السياق الفردي يقول.. نحن نعمل منذ سنوات كفريق عمل وان كان لا يظهر منه سوى المدرب والمشرف الذي يقود هذه الجوقات على المسرح ولكن دور الفريق يتعاظم وان كانت البداية فردية صرفة وذلك لأسباب علمية.4

وبين أن جوقة لونا أسست على منهج موسيقي وتربوي وإداري وضعه بناء على معارفه لذلك يعتبر تحويل منهج شخص إلى مؤسسة مشروع يتطلب وقتا لاعداد الكوادر لافتا إلى أن هذه الهيكلية لا يمكن تطبيقها عبر معهد اكاديمي ضمن الظروف الحالية لأنه أمر مكلف مادياً والعمل مازال مستمرا ويتطور بالجهد الذاتي وعلى طريقة التعليم المنزلي.

ويختم مدير جوقة ألوان بالتعبير عن تفاؤله بمستقبل جوقات الغناء الجماعي في سورية لأنها ستكون أشبه بعودة الابن الضال إلى حضن أبيه ويقول: إن الانسان السوري اجتماعي بطبعه وسيرجع إلى تذوق الغناء الجماعي وممارسته كفن سوري أصيل وإن كان دخل عليه الغناء الفردي واحتل الصدارة لوقت مؤقت فانه سيعود إلى شريكه الاصلي الغناء الجماعي متوجها بالنصح إلى كل من لديه مشروع في هذا الغناء داخل سورية بالمثابرة والصبر لأنه في النهاية لا يصح إلا ما يشبهنا كشعب وأمة.

وحسام الدين بريمو من مواليد دمشق عام 1962 درس وتخرج من المعهد العالي للموسيقا بدمشق 1997 بدرجة امتياز وباختصاصي الغناء الكلاسيكي والعزف على آلة الأوبوا وتولى على التوالي رئاسة قسم الغناء وقسم موسيقا الحجرة ووكالة المعهد العالي للموسيقا بدمشق وقسم الكورال ويشغل اليوم رئاسة قسم العلوم النظرية في المعهد العالي للموسيقا ودرب العديد من الجوقات.

كورال أطفال المعهد العربي.. جوقة دير مارأفرام السرياني.. جوقة فرقة زنوبيا .. جوقة أوركسترا زرياب بالاضافة لجوقة لونا للغناء الجماعي التي تضم عدة جوقات داخلها من مختلف الأعمار.

إعداد: محمد سمير طحان

تصوير: معتز موعد

مونتاج: رشا اللبان