حماة-سانا
اشتهرت مدينة حماة بحماماتها ذات الطراز البديع ونمط بنائها المعماري التراثي المميز وكانت تستمد مياهها من نهر العاصي بواسطة النواعير وقنواتها المائية وقد اندثر معظمها وتوقف عدد منها عن العمل ولم يتبق إلا القليل منها الذي لا يتجاوز عدده أصابع اليد.
وأخذت هذه الحمامات الأثرية مكانتها وأهميتها في حياة الناس قديما لعدم وجود الحمامات في البيوت إلا ما ندر فكان الناس يذهبون إلى حمامات السوق التي تنتشر في معظم الأحياء وتخصص فترة الصباح للرجال وفترة ما بعد الظهر للنساء.
وذكر عبد القادر فرزات رئيس دائرة الآثار والمتاحف في حماة لـ سانا “سياحة ومجتمع”: أن هناك 5 حمامات أثرية حاليا قيد الاستثمار والخدمة أكبرها الدرويشية الواقع في حي المرابط الذي أعيد ترميمه مؤخراً وهو يوفر ملتقى لمحبي الفلكلور والتراث والطرق التقليدية في الاستحمام.
وحمام الأسعدية الذي سمي نسبة إلى أسعد باشا الذي بناه في سوق المنصورية أو ما يعرف بسوق الطويل عام 1740 وكذلك حمام العثمانية وبناه نور الدين زنكي في حي الباشورة جانب ناعورة المأمورية.
وحمام العبيسي الواقع في حي البارودية جانب قصر محمد الأرناؤوط من جهة الشرق ويتم الوصول إليه حسب فرزات عبر قبوة حارة العبيسي ويسقى قديماً من ناعورة الجسرية في بستان أم الحسن بالإضافة إلى حمام الحلق الكائن في سوق الطويل والذي طالته أعمال ترميم خلال السنوات الأخيرة مبينا أن هناك أيضاً حمام السلطان الذي يتركز شمال جامع نور الدين ويشهد خلال هذه الفترة أعمال ترميم حيث من المقرر أن يستثمر بعد الانتهاء منها.
ونوه رئيس دائرة الآثار في حماة بالمكانة المرموقة التي كانت تلعبها الحمامات في حياة الناس في الماضي من مختلف الجوانب الاجتماعية والاقتصادية ورغم أن بناء الحمامات يرجع للفترة الاغريقية والرومانية إلا أن العرب والمسلمين أدخلوا الكثير من التعديلات على بنائها وأضافوا للتصميم عناصر تنسجم مع بيئتهم الاجتماعية.
وعن أقسام الحمام أوضح فرزات أنه يتألف من ثلاثة أقسام البراني والجواني والوسطاني ويقوم الأول على أربعة أواوين تحيط بمساطب حجرية لجلوس الزبائن ترتفع فوقه قبة وفي الوسط بركة ماء مع أرضية منقوشة بأشكال هندسية جميلة وفيه باب يؤدي إلى الوسطاني.
أما القسم الثاني فهو يشبه البراني ولكنه أصغر حجماً كما يحوي أربع مقاصير واسعة ذات سقوف مرتفعة ومضيئة وفي كل مقصورة جرن كبير وفي جانب هذا القسم باب يؤدي إلى دهليز ضيق ملتو ومنه إلى الجواني وهو قسم حار وواسع تقع حوله مقاصير وأواوين متعددة تحوي تقريباً ثلاثة عشر جرناً.
وبين فرزات أن الحمامات القديمة حافظت على الكثير من طقوسها التقليدية الصحية والاجتماعية والترفيهية مع تغيرات طفيفة طالت آلية عملها واستخدام الوقود في عملية تسخين المياه التي كانت سابقاً تعتمد على مخلفات المنازل إضافة إلى جذوع الأشجار اليابسة والحطب.
المهندس مجد حجازي الباحث والمهتم في التراث الحموي أوضح في تصريح لـ سانا سياحة ومجتمع أن الإقبال على الحمامات العامة كان قديما يبلغ ذروته في فصل الشتاء لما تمتاز به من مياه دافئة وأجواء من الاستمتاع والاسترخاء لمرتاديها مضيفا أن الحمامات القديمة ما زالت إلى يومنا هذا تحافظ على أغراضها الاجتماعية العديدة فتقام فيها الأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة.
علي شمالي أحد رواد هذه الحمامات رأى أن لحمام السوق التسمية التي يطلقها الحمويون على الحمامات القديمة طقسا ولونا خاصا يفضله الكثيرون لقضاء وقت من الاسترخاء والتسلية مع الأصدقاء.
عبدالله الشيخ